Skip to main content

ورقة برائحة الماضي - تيم فارسي - كيان خطوط

mohamed Fouad
By mohamed Fouad · نُشر:
آخر تحديث: · No comments


"
ورقة برائحة الماضي"

 

وفي الصباح مع انتشار شعاع الشمس في جميع أرجاء الغرفة؛ يستيقظ عامر، وينهض ليجهز نفسه، وأغراضه التي يحتاج إليها في عمله، يتجه عامر إلى الخزانة؛ ليستخرج الصندوق ويبدأ البحث عن بعض الأوراق، وإذ بورقة صفراء قديمة تقع في يده، ينفض الغبار عنها، ويقوم بفتحها؛ وإذا بنبضات قلبه تتزايد بشدة، وتصيب الرعشة يديه، وعينيه تمتلئ بالدموع، فيبدأ يتفوه بالحديث ويقول: هذه الرسالة كتبتها لأبي منذ أربعة عشر عامًا بعد أن رحل، فشعر وكأن أنين الشوق يتملكه من كل ناحية، ثم بدأ في الشرود بعقله وقلبه معًا، وأخذ يتذكر تلك الليلة وكأنها تحدث لأول مرة.

--------------------

يعودُ عامر إلى منزلهِ محملًا بالخيبات، فتستقبله والدته بقلب رحب مُحمل بالأوجاع فتقول أهلًا بسندي الثاني، ثم يخبرها عن خوفه وقلقه بشأن والده المريض، ثم تربُتُ والدته على كَتِفَيـه بلطف كي تداوي ألمه الذي يعتصر قلبه رغم حزنها الشديد أيضًا وقلقها على زوجها، وقبل أن تردف والدته، فإذا بهما يسمعان برنين هاتفٍ يُقاطعهما، ذهب عامر لاستقبال المكالمة، وإذ بعينيه تُدمع من أثر الخبر الذي تلقاه؛ وهو أن حالة والده أصبحت أسوأ من ذي قبل، وبدأ في استقبال تلك الصدمة وهو يتمالك نفسه، كي لا تراه والدته في تلك الحالة فتبدأ في الانهيار أيضًا، فإذ بها تنتبه لهُ، وتسأله ماذا قال لك صاحب هذا الاتصال؟

لما وجهك شاحب هكذا؟

ما بك؟

استدار عامر لوالدته وبصوتٍ يكاد لا يُسمع، قال لها إن حالة أبيه الصحية أصبحت أسوأ، فانهارت هيَ أيضًا وظل عامر يُهدأ والدته رُغم أن قلبه يعتصر حزنًا على أبيه، حاولا تدارك الموقف والذهاب للاطمئنان على والد عامر، استقل عامر ووالدته السيارة وبدأ في الاتجاه نحو المشفى التي يقبع بها والده، يسابق الريح كي يصل إلى والده فقط ليملئ عينيه منه ويطمئن قلبه برؤيته بعد سماعه لذلك الخبر المفجع، توالت الذكريات عليه طوال الطريق ذكرى ووالده يحاول تعليمه ركوب الدراجة، وذكرى وهو يفوز بالمركز الأول في مسابقة ما، وذكرى سقوطه طريح الفراش أدمعت عيناه قهرًا وحزنًا إثرها، حاول إبعاد كل الأفكار السلبية عنه وهو يتشبث بقيد أنملة من الأمل؛ بعد برهة لم تدم طويلا وصلا للمشفى وها هو يهرول محاوطًا كتفي أمه وكأنه يستمد منها القوة ويستعين بالله ليعينه على ما هو مقدم عليه، دلفا لمكتب الطبيب المشرف على حالة والده وعلى وجوههم نظرات فجع باغتهم الطبيب بقوله، تفضلا فلدي ما أخبركم إياه جلست أمه بتهالك على الكرسي بينما عامر ظل واقفًا بتصلب ينتظر فقط ما سيقوله الطبيب؛ وأستهل الطبيب حديثه عن الله ولطفه ورحمته وأن الأقدار كلها خير واختتم ما قال بـ "إنا لله وإنا إليه راجعون" أنزل الله عليكم الصبر والسلوان؛ حينئذ لم يقوَ عامر على التنفس وشعر وكأن جبال الأرض جثمت على صدره وأضحت الرؤية ضبابية وسقط عامر مغشيًا عليه، اندفع نحوه الطبيب يسعفه وأمه منهارة مكانها لم تستطع التحرك ولو لإنشٍ واحد؛ نُقل عامر لإحدى الغرف حتى يفيق وظلت والدته بجانبه تستمد منه بعضًا من قواها الخائرة، بعد فترة استفاق عامر من إغماءه وهاجمته الأفكار عما حدث، أخذ يحاول استجماع قوته فوالدته تحتاجه أكثر من أي وقت مضى، عاد للمنزل بعد تكفين والده وتشييع جثمانه، وظل بجوار والدته يبثها بصبر أن تثبت إلى أن نال منها التعب ونامت، دلف هو لغرفته وهو يشعر أنه عاد طفلًا صغيرًا يريد لو يركض لحضن والده كي يشعر بالأمان، لكن كيف وأمانه رحل، قرر كتابة رسالة لوالده عبر دفتره لعله يخفف عنه وطأة موته وكتب الآتي:

"والدي العزيز، بعد السلام والسؤال، لقد علمتني كيف أتعامل مع الكثير من مصاعب الحياة، لكن كيف لم تعلمني قط كيف أتصرف حال فقدك؟"

------------------------

أغلق عامر الرسالة واحتضن الورقة بين ضلوعه ووضعها في صندوق الذكريات، وأخذ يجهش بالبكاء وظل يدعوا لوالده بالرحمة والمغفرة وقرر أن يزور قبر والده وعندما ذهب إلى قبر والده جلس بجانب القبر وظل يحكى لوالده عما دار في غيابه ويتمنى لو كان بجانبه وظل يبكى ويدعو له بالرحمة والمغفرة، فجلس بجانب القبر لبعض من الوقت، وأخذ يقرأ له آيات من القرآن، ثم ذهب إلى بيته ليقص على زوجته ما فعله في يومه عند قبر والده ثم ظلت تربت على كتفه وتدعوا لوالده بالرحمة والمغفرة، وتدعو لزوجها أن يحفظه الله لها وأن يحقق الله له جميع أماله وأحلامه وأن يحفظه الله من كل سوء ومكروه.

 

تمت بحمد ﷲ

بقلم كلًا من "رضوى عبد الشافي – خديجة رمضان | فراشـــة – ديمة رمضان – زينب أشرف – تسنيم حمدي – سارة سامي محمود"

تحت إشراف تيم فارسي بقيادة سلمى الچيلاني

كيان خطوط – الكاتب الصحفي محمد فؤاد

Comments 0

Post a Comment

Cancel