Skip to main content

بقلم شيماء حسانين

mohamed Fouad
By mohamed Fouad · نُشر:
آخر تحديث: · No comments

 "إن البيوت لا تبنى بالحجارةِ والرمال، بل بالمودةِ والمحبةِ تدومُ لأجيال"

هذه الكلمات أخبرتني بها جدتي حين سألتُها عن الزواج، وكيف لي أن أبني بيتًا؟

وكيف يمكنني أن أختار شريكًا يضيء عتمتي؟

حينها لمعت عيناها وتألقت كأنها حازت الدنيا وما فيها، وبدأت تسرد ليّ قصتها مع جدي الراحل، فقالت: 

حين تقدم جدك لخطبتي كنتُ فتاة لم تتجاوز السادسة عشر من عمرها، لا أعلم كيف يمكنني أن أدير بيتًا، وأراعي زوجًا ثم أولاد؟

ولكنه حين وجدني متوجسةً من هذا الأمر قال لي:

سأكون لكِ سندًا، وسأرافقكِ في الليالي، لن أدع شيئًا يُصيبك، سأجعلكِ تُزهرين، وتملأين الأكوانَ من عبقكِ، وإذا شكوتِ مني مرةً عاقبيني بهجركِ، فوالله ما أحب القلب سواكِ، وما وجد السكن إلا جواركِ، معًا سنتجاوز كل شيء، معًا سنبني بيتًا من الحب لا الأحجار، معًا ستخشى المصاعب أن تأتي إلينا، لا أريد منكِ شيئًا سوى مرافقتي، وأن تضعي يدكِ في يدي لنمضي سويًا دون فزعٍ أو خوف".

هذه كانت كلماته لي، وفي حقيقة الأمر لم تكن مجرد كلمات بل كانت كبلسمٌ يوضع فوق الجروح فتلتئم، كيف له أن يحبني كل هذا الحب؟!

كيف له أن يجعلني أزهر كلما مرَّ طيفه؟!

وبالفعل قد قام بكل هذا وأكثر، لم أرى ما فعله جدك في روايات الحب، وقصص العشاق، ما فعله لي جعلني أزهر عمرًا لا بل أعمار، لذلك البيوت تبنى بالحب والمودة بينكم لا بشيء آخر، وإذا لم يحبك ستضيق عليكِ أركان بيتك، ولم يعد لكِ مكانًا في الكون تذهبين إليه، وجنتكِ ستصبح جحيمك، ولكن إن أحبكِ كنتِ بيته، وسَكنه، ونافذته التى يرى من خلالها العالم، وإذا أحببتِ رفيق دربكِ صار لكِ محرابًا وملجأ من عالمٍ خرب، وأزهرتوا سويًا في عالم قد عم به الخراب، ودمرته الكراهية، ومن يرى بيتكم لن يرى سوى زهورًا قد تفتحت حوله حتى جَملته، لذلك يا فتاتي حين تختارين رفيقًا لكِ اختاري فقط من يجعلكِ تزهرين، وبجواره لا تَذبُلي يومًا، كم هي رائعة جدتي!

وكم كان الحب الذي رافقهم لأجيالٍ طوال جميل، يجعلك تشعر أن الجنة يمكن أن توجد هنا أيضًا على الأرض.

شيماء حسانين"رحيل"

تيم_رقعة 

كيان_خطوط

Comments 0

Post a Comment

Cancel