بقلم أحمد فايز
كنتُ أتحدثُ مع أحدهم ذات مرة، فمرّ اسمُ صديقٍ لي في الحديث، فقلت: "أتعرف فلان؟ هو صديقي".
فنظر إليّ بدهشةٍ وشيءٍ من الاستغراب وقال:
"كيف لك أن تصادِق شخصًا كهذا؟ أنت وهو لا تلتقيان لا في الفكر ولا في الثقافة، ولا حتى في الملامح العامة!".
فابتسمت، وقلت بهدوءٍ يشبه يقيني:
"ليست الصداقة معادلةَ تشابهٍ ولا انعكاس مرآة،
هو يرى العالم من زاويته، لكنّه يراني بعينٍ طيبة، وربما فيّ شيءٌ يشبهه، أو فيه نورٌ يكتمل بي،
ولِمَ نحكم على النوايا من غلافِ الوجوه؟
أيُّ قاضٍ فينا كاملُ البصيرة؟ من منّا نقيٌّ تمامًا أو مظلمٌ تمامًا؟
كلّنا نحمل بذور النور والظلال، وكلّ إنسانٍ حكاية لا تُروى من عنوانها ، الصداقة يا صاحبي لا تقرأ من سطر، بل تُكتب على مدار الأيام، تُختبر في العُسر قبل اليسر، ويظهر جوهرها في اللحظات التي لا تُرى بالعين، بل تُحسّ بالقلب،
ثم إنّ الصاحب، كما يقولون، ساحب: إمّا أن تشده نحو النور، أو يضيء بك الطريق، فكيف لنا أن ننكر الخير حين نراه؟
وكيف نترك الحكم للسطح ونتجاهل العمق؟
فيا صديقي... لا تكن كالخالة التي تفرّق، ولا تعرف لماذا".
Comments 0
Post a Comment
Cancel