"الأهات الصامتة"

وفي حياتنا تأتينا فتراتًا هي من أشدِ أنواع الصراعات الداخلية، والضغوطات النفسية التي تمر على البشرية، ألا وهي التي تتردد فيها بين رغبتك بمعرفة الحقيقة، وخوفك من سماعها، حتى لا يُلازمك ظلها، وواقعها المرير التي لكَثُرَ فرارك منه مرارًا، وتكرارًا؛ فهو أشد الأهات الصامتة، والصراعات الخامدة في أيامنا السارية؛ فهي التي تنشأ حربًا في نفسك، ومعركةٍ تكمن بين عقلٍ يسعى كمفتشٍ باحثٍ عن تفاصيل، وثغرات جميع الخفايا التي خفاها القدر في أعماق كتاب الحياة الغامض، وبين قلبٍ يكتفي بعنوان موضوع الكتاب، وصورة غلافه الهادئة؛ فالفؤاد بفطرته يخشى أن يتوه بين سطورٍ غامضة محفورةٍ بقلمِ كاتبٍ بارعٍ يكتب كلمةً، ويحفر بعمقها حكايات، وروايات، ومعاني كثيرة متقاربة، ومتنافرة تحتارُ فيها القلوب، وتشتت منها العقول؛ فيظل العقل يصارع خلف كل الدروب ساعيًا عن الجواب المفقود، والقلب ساكنًا هادئًا يخشى أن يُجرح بسهام الكلمات، أو يُقهر بألام الكتابات؛ فنادرًا ما يسعى القلب في ثغرات العلاقات، ودائماً ما يهرول العقل ليحفر في زوايا الحكايات، وياويلي من زوايا الظُلُمات في ليالي الشتاء.

لـ/ندى ابراهيم شلبي